ترحيب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





مرحبا بكم في مدونتنا وهي عن العلماء المشهورين

الأحد، 22 مايو 2011

ابن النفيس الدمشقي


ينتمي ابن النفيس إلى حقيقة مميزة من الزمن، طافحة بالنشاط والحيوية، ذات أثر فعال في تقديم العلوم الطبية وتطويرها، وقد حملت هذه الحقبة بذور تطور تاريخ الطب ونموه على مر العصور..

والحياة التي عاشها
ابن النفيس تعطي مثلاً حياً على عشق الإنسان للعلم والمعرفة، وسعيه المستمر الذي لاينقطع في دروب العطاء الإنساني. ‏
مولده ونشأته: ‏
ابن النفيس هو علاء الدين أبو الحسن علي بن أبي الحزم القرشي الدمشقي.. ‏
لم يذكر المؤرخون تاريخ مولده على وجه التحديد، ومن الجائز أنه ولد عام 607هـ الموافق 1210م، في قرية قرش
الدمشقية، وكانت هذه القرية خارج أسوار دمشق، وهي الآن جزء صغير من حي الميدان، وفيه زقاق مازال حتى اليوم يدعى زقاق القرشي.
كان
ابن النفيس طويل القامة، نحيل الجسم، رقيق الجانب، أسيل الخدين، ذات رأس نحيف كرؤوس العلماء. ‏
تعلم في دمشق العلوم الابتدائية، ودرس الطب على الأستاذ الكبير مهذب الدين الدخوار في البيمارستان النوري بدمشق (المعروف حالياً بمتحف الطب والعلوم عند العرب).. وبعد أن أتم دراسة العلوم الطبية توجه إلى مصر، وأقام بالقاهرة، وتسلم إدارة البيمارستان المنصوري، وصار عميداً للمدرسة الطبية فيه. ‏
أوقف كل ماله ودارته ومكتبته النفيسة على البيمارستان المنصوري في القاهرة (الذي بناه السلطان قلاوون» توفاه الله تعالى بالقاهرة سحر يوم الجمعة الحادي والعشرين ذي القعدة سنة 687هـ ـ 1288م. ‏وبذلك انتهت رحلة من الجدل والبحث استمرت قروناً طويلة بين العلماء والمؤرخين حول المكان الذي دفن فيه ابن النفيس، الذي يعتبر مفخرة للحضارة العربية الاسلامية وللحضارة الإنسانية العالمية بشكل عام. ‏التقليدي الذي يؤخذ بالأسماء الكبيرة، ويتقبل كل مايقال له بلا جدال أو نقاش.. كانت دراسته دراسة واعية متفهمة نقدية، كان الحكم فيها عقله ومنطقه وخبرته.. كان يأبى على نفسه أن يعلم تلاميذه آراء متوارثة من عظماء العلماء القدماء، وهو لايزال يشك في صحتها.. وبفضل هذه النظرية الشجاعة للعلم، وهذه الرؤية تمكن من دفع علم الطب إلى آفاق واسعة. ‏
ظلم ابن النفيس في حياته مرتين: ‏
وهي ثمار نفيسة أغنت المكتبة الطبية العربية الاسلامية منها: ‏
يقع في عشرين مجلداً، وقد ترك فيه بصمات رائعة، تنم عن عمق معرفته، وسعة اطلاعه. ‏
ـ شرح وتشريح جالينوس ‏
ختاماً.. ‏
ولاشك أن من الظروف التي ساعدته على تركيزه في الدراسة والتأليف وعلى وفرة إنتاجه وعلمه أنه لم يتزوج. ‏
وحكي أنه في علته التي توفي بها، أشار عليه بعض الأطباء بتناول شيء من الخمر، وكان مناسباً لإبراء علته فيما زعموا، فأبى أن يتناول شيئاً منه، وقال: «لاألقى ربي وفي باطني شيء من الخمر».. ‏
اكتشاف قبر
ابن النفيس
عثر مؤخراً في جمهورية مصر العربية أثناء عمليات الحفر في مدينة الرحمانية في محافظة البحيرة على شاهدة قبر من حجر الصوان كتب عليها: ‏
«هذا قبر العالم الطبيب علي بن
النفيس» المتوفى في القرن السابع الهجري.. ‏
وقد أثار هذا الكشف اهتمام علماء التاريخ العربي الإسلامي، حيث أكدوا أن
ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى قد دفن في أرض مصر.. ‏

كفاءته العلمية: ‏
يمثل
ابن النفيس الثقافة العربية الإسلامية في أعلى مظاهرها، حيث بلغ في عمله وعلمه ومؤلفاته وتجاربه وتصانيفه وشروحه غاية الحذق والدقة.. ‏
ونال شهرة كبيرة تجاوزت عصره وزمانه بسبب اعتماده على الملاحظة وتطبيق قواعد المنهج التجريبي، وهو القائل: «لو لم أعلم أن تصانيفي تبقى عشرة آلاف سنة ماوضعتها». ‏
لقد برع
ابن النفيس في أكثر العلوم التي تلقاها عن أساتذته، أو طالعها، بنفسه، وكان إماماً في الطب، كما نبغ في الفقه وأصوله والنحو والبيان والحديث والسيرة النبوية والمنطق والخطابة وغيرها.. ‏
لم يكن
ابن النفيس مجهولاً من قبل معاصريه من المؤرخين وزملاء المهنة، فقد حظي بشهرة واسعة، ونال سمعة كبيرة قل أن وصل إليها أحد في زمانه، وسبب ذلك أن طبيبنا العربي لم يكن ذلك الطبيب
ومن طريف ماروي عنه أنه دخل الحمام مرة، فلما كان تغسيله، خرج إلى مشلح الحمام، واستدعى بدواة وقلم وورق، وأخذ بتصنيف مقالة في النبض، إلى أن أنهاها، ثم عاد ودخل الحمام وأكمل تغسيله.. ‏
وقال الشيخ برهان الدين الرشيدي خطيب جامع الأمير حسين بالقاهرة: ‏
«أن
ابن النفيس إذا أراد التصنيف توضع الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاء من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا أكل القلم وحفي رمى به، وتناول غيره لئلا يضيع عليه الوقت في بري الأقلام». ‏ابن النفيس ظلم مرتين: ‏
ہ المرة الأولى: ‏
عندما لم يشر
ابن أبي أصيبعة مؤرخ الطب العربي من خلال كتابه «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» لم يشر إلى ابن النفيس، بالرغم من صداقته له، ولقد تساءل أكثر من باحث عن السبب الذي حدا بابن أبي أصيبعه إلى إغفال زميله، فقال البعض: إن سوء التفاهم والدسائس قد تكون السبب في إغفاله لابن النفيس. ‏
ہ المرة الثانية: ‏
عندما ادعى الطبيب البريطاني وليم هارفي أنه هو الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى (عام 1628)، بينما
ابن النفيس هو الذي اكتشفها قبله، بأربعمئة سنة ‏
ولكن بكل أسف ظل هذا الفضل مغموراً ومجهولاً من قبلنا نحن العرب طيلة القرون الماضية، حتى جاء الطبيب العربي المصري محي الدين النطاوي فأتى بالدلائل القاطعة على أن
ابن النفيس هو بلا منازع مكتشف الدورة الدموية الصغرى في القرن الثالث عشر الميلادي، وقد أورد ذلك في الرسالة التي بحث فيها هذا الموضوع، والتي نال بها شهادة الكتوراه عام 1924. ‏
ثماره الطبية: ‏
ـ كتاب الشامل في الطب: ‏
ولعله من أوسع كتبه، وهو الآن في البيمارستان المنصوري بالقاهرة، وهذا الكتاب موسوعة تضاهي موسوعة الرازي «الحاوي»، وكان يريده موسوعة جامعة في ثلاثمئة مجلد، ولكنه لم يكتب منها سوى ثمانين. ‏
ـ كتاب شرح تشريح القانون: ‏
وهو موجود في المكتبة الظاهرية بدمشق، وهو مفخرة في الطب العربي، وفيه خالف أبقراط وجالينوس و
ابن سينا، وقد طرح ابن النفيس فيه نظريته المثيرة عن طبيعة الدوران الدموي الرئوي المشهور بها حتى اليوم. ‏
ـ كتاب موجز القانون ‏
ـ شرح القانون: ‏
ـ شرح مفردات القانون ‏
ـ شرح فصول أبقراط ‏
ـ تعليق على كتب الأوبئة لأبقراط ‏
أوضح فيه آراءه، ونتائج خبرته. ‏
ـ المهذب في الكحل المجرب: ‏
ويبحث في أمراض العين.. وهو موجود في المكتبة الظاهرية بدمشق كما يوجد في مكتبة الفاتيكان، وقد نال هذا المؤلف حظاً وافراً من الشهرة وسعة الانتشار. ‏
ـ المختار من الأغذية ‏
ـ تفاسير العلل وأسباب الأمراض ‏
ـ شرح مسائل حنين بن اسحاق.. ‏
ثماره غير الطبية: ‏
وقد دلت مؤلفاته غير الطبية أيضاً على سعة اطلاعه، وعمق معرفته في كثير من العلوم الدينية والفلسفية وغيرها، وفي هذا المجال يمكن ذكر بعض ثمار
ابن النفيس مثل: ‏
ـ شرح التنبيه للشيرازي: ‏
ـ شرح كتاب «الهداية في الفلسفة» ل
ابن سينا، وهو كتاب في المنطق. ‏
ـ الرسالة الكاملة في السيرة النبوية ‏
ـ مختصر في علم الحديث ‏
هذه جولة سريعة في نفائس
ابن النفيس الدمشقي.. يتبين من خلالها كيف كان مثلاً رائعاً للطبيب العربي المجتهد والموسوعي، والذي أعطى مساهمات جليلة في فن الشفاء، وأسهم في تقديم العلوم الطبية التي شكلت جزءاً لايتجزأ من تاريخ الثقافة العربية الاسلامية. ‏
المراجع: ‏
ـ موجز تاريخ الطب عند العرب الأستاذ الدكتور شوكت الشطي ‏
ـ مختارات من تاريخ الطب الأستاذ الدكتور برهان العابد ‏
ـ الثقافة والصحة كلودين بريليه ـ رسالة اليونسكو ‏
ـ
ابن النفيس الأستاذ نزار الأسود ‏


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق